فلسطين.. الارض المسلوبة منذ ايار 1948، تُسلب من جديد في ايلول 2011، حيث تجري الان مؤامرة لثبيت شرعية المغتصِب من قِبل المفترض من هم أمناء القضية، لنيل فتات من الاراضي المحاصرة من قبل المستوطنات ومقطعة بالحواجز والجدران العازلة، ليس لها اي منفذ دولي، منزوعة السلاح، محرومة السيادة على مقدراتها ومقومات احياءها من الطاقة وغيرها، مجهولة العاصمة، يحكمها شلة من اللصوص الفاسدين العابثين الذين غيروا مفهوم القضية من (قضية ارض فلسطين المغتصبة من الصهاينة اللاشرعيين، وضرورة تطبيق قرارات الامم المتحدة بخصوص اللاجئين والقدس) الى (قضية دولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية جنبا الى جنب الى "دولة اسرائيل الصديقة").
اقول.. ان من لا يحمل مبدأ حق، فهو لا يساوي شيء في الدنيا مهما سعى في تنفيذ مفهومه الضال، وأن قضية شعب ليست لعبة بيد اشباه الرجال يفصّلونها على اهوائهم ومزاجهم في غرف المفاوضات. انا لست ضد المفاوضات كفكرة ولكن اعارضها بتطبيقها من منطلق ضعف. الرسول (ص) فاوض المشركين ولكن من منطلق ثقة وقوة ورباطة جأش، اما ابو مازن فمن اي اساس يفاوض؟ والله لا ادري.. وذهابه الى الامم المتحدة ليستجدي مقعد دائم هناك، اشبه بطفل صغير يستنجد بأمه على ابن الجيران.
لنفرض ان "الدولة" قامت، ماذا بعد؟ هل انتهت القضية؟ اعتقد ان قيام اي دولة هو ليس هدف وإنما وسيلة لإحياء الشعوب على ارضها، فماذا ستحقق هذه الدولة للشعب الفلسطيني؟
- اللاجئين: لن يعود اللاجئين الى ديارهم في الـ48 لان هذا بالنسبة لاسرائيل اكبر خطر يهدد كيانها الديموغرافي والاقتصادي، حيث ان عدد اللاجئين تخطى الـ 8 ملايين نسمة، بل يجري الان حبك مؤامرة توطين اللاجئين في ملاجئهم وتطبيق فكرة "الوطن البديل" في الاردن للتخلص من همّ اكبر نسبة من اللاجئين هناك.
- العاصمة: لن تعطي اسرائيل شبرا مربعا من ارض القدس الى الفلسطينيين "ولو طلعت على رووسهم النخلة" لان القدس هي اقدس شيء بالنسبة لهم والعاصمة الموحدة لدولة اسرائيل كما يزعمون، بل ان الجزء الذي يطلبه ابو مازن من ارض القدس هو اثمن جزء في العالم بالنسبة لاسرائيل، حيث "هيكل سليمان" و"حائط المبكى". فلا تفكر تحلم يا ابو مازن..
- السيادة: لا تعليق..
- الاقتصاد: محدد بالسياسات الاسرائيلية
- الأمن: هو أمن اسرائيل بالحقيقة بلباس وطني
- الحدود: يحلم ابو مازن بدولة على حدود 67 (الضفة الغربية وقطاع غزة)، ولكن اقطع يدي لو اعطوه نصف ما يتمناه، حيث يجري الان ضم المستوطنات الى داخل اسرائيل وسيكون الجدار العازل هو الحدود الجديدة، اما غور الأردن فهو شريط امني مميز يحمي الحدود الشرقية لاسرائيل فلا تفرط فيه اسرائيل ابدا.
- الحكم: ماذا بشأن قطاع غزة؟ وما اخبار الوحدة الوطنية؟ لا تعليق..
اقول.. ان الشعب الفلسطيني لم يصبر 63 عاما حتى ينال هذا الهراء، وان الحق يظل حيا لا يسقط بالتقادم، وان استرداد هذا الحق ممكن فعليا لو تركنا التخاذل والجبن والاستسلام للوقائع، ولو اننا عملنا لأمتنا على قلب رجل واحد لزالت اسرائيل منذ زمن طويل، قال تعالى: (إنّ اللهَ لا يُغَيّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيّروا مَا بِأنفُسِهِم)، ولكن ماذا نقول في أمة اضاعت خيراتها في اللهو والضياع وتفاهات الدنيا. إن الشعب الفلسطيني لم يطلب من احد تحريره، ولكن هذا فرْض على كل مسلم غيور لان فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم بل هي للامة كلها، وقبلتها الأولى.
وتعريفي وفهمي لفلسطين جغرافيا –ولا اعرف تعريفا غيره- هو انها من راس الناقورة شمالا الى ام الرشراش جنوبا ومن نهر الاردن شرقا الى البحر الابيض المتوسط غربا، وعاصمتها وزهرة مدائنها القدس الشريف.
وهذا التعريف لا يختلف عليه لا فلسطيني ولا عربي ولا مسلم، حتى ابو مازن بنفسه يعرف هذا بقرارة نفسه. ولكن التعريف الآخر لا يتفق عليه حتى الساسة الفلسطينيين انفسهم.
وان امكانية زوال "اسرائيل" واقامة دولة فلسطين على ارض فلسطين التاريخية هي باتت اكثر منطقية واراها كما ارى عين الشمس، هذا ليس شعار ولا حملة مني لرفع المعنويات وشحذ الهمم، بل انه واقع يتضح اكثر فأكثر، لا بل انه وعد سماوي رباني، لان "اسرائيل" كيان مصطنع زائف وله تاريخ انتهاء صلاحية غير معروف، المجتمع الاسرائيلي هو مجتمع مفكك، تسوده العنصرية، كما وان مؤشرات هجرة اليهود العكسية الى خارج اسرائيل توضح ذلك، بالاضافة الى احاطة اسرائيل بالاعداء من كل جانب وعدم تأقلمها مع جيرانها في الشرق الاوسط، وتخبط الساسة الاسرائيليين في قراراتهم، والاهم من ذلك كله هو التزايد المتنامي في عدد السكان العرب داخل الخط الاخضر مما يشكل خللا مرعبا لكيان دولة اسرائيل.
ولا يعظم من شأن اسرائيل الا المتخاذلين من العرب الذين سلّموا بأنها قوة عظمى لا تقهر، وهي بالفعل اوهن من بيت العنكبوت، اسرائيل سر قوتها هو نفوذها الإعلامي والإقتصادي وليس بجيشها، ونحن كأمة لدينا مما اعطانا الله من المقدرات ما نصنع به من اعلام قوي واقتصاد زاهر وعلم وفير وجيش جبار، ولكننا نسمع الآية (وَأَعِدّوا لَهُم مَااستَطَعْتُم مِن قوّة..) كأنها من عابر الكلام وليس أمرا الهيا.
وعندما اتحدث عن موضوع المقاومة، يظهر لي للاسف من بعض الناس الاستخفاف بشأن المقاومة وعدم جدوتها، ومنهم من يقول لي: أين انت لا اراك في صفوف الجبهة الامامية؟ ومنهم يقول: تعبنا من المقاومة فلنرضى بأي جزء قبل ان يضيع كل شيء! وكأن المقاومة محصورة في رشاش وطيارة ومدفع وحزام ناسف. مع احترامي للاخوة، اقول ان المقاومة هي أن تؤدي ما عليك لدحر عدوك بامكانياتك وبموقعك وبما اتاك الله من علم وقوة، لئلا تسأل عن تقصيرك يوم القيامة، انا اقوم بواجبي وماضٍ في اقامة مشروعي لخدمة فلسطين من موقعي هنا دونما تسألني ماهو، لان ظرفي كان هكذا ولم انشأ داخل بلدي ولم احمل يوما سلاحا ولم استدعى الى تجنيد اجباري في حياتي، أدخلني فلسطين وأعطني سلاحا لازداد شرفا في الدفاع عن بلدي، انا لا استطيع دخول فلسطين لانني ببساطة.. فلسطيني.
كلنا نحب فلسطين، وخيرٌ لنا كأمة ان نذود عنها بأسمى ما لدينا، بالمال والسلاح، وان نمارس الاعلام المقاوم كي يعي العالم الجاهل بحقيقة ما جرى ويجري، وأن تعلم الأمم ان هذا الكيان مصطنع مغتصِب لا شرعية له وتجب مقاطعته بكل السبل حتى ينضمر على نفسه ويزول.